حين يولد طفلك ينصب اهتمام الأهل على مراقبة ملامحه ووجه الشبه بينهم، في حين أن طبيب الأطفال يبحث عما هو أعمق من ذلك في فحصه الأولي، إذ يحرص على فحصه بدقة واكتشاف إصابته ببعض العيوب الخلقية الشائعة في هذا العمر، منها الإحليل السفلي، وهو وجود فتحة مجرى البول في غير مكانها الطبيعي. ونظرًا إلى حساسية الموضوع وتأثيره في مستقبل الطفل، خصصنا حديثنا اليوم عن علاج الاحليل السفلي بأحدث التقنيات.
هل من الضروري علاج الاحليل السفلي عند الأطفال؟
بالطبع يعد علاج الاحليل السفلي عن الأطفال إجراءًا ضروريًا، إذ يواجهون مشكلات عدة نتيجة الإصابة به، أهمها:
- صعوبة في أثناء التبول وقوفًا مما يؤثر في نظافتهم الشخصية.
- حدوث قصور في الوظائف الجنسية عند البلوغ وأشهرها الانتصاب، ما قد يؤثر في ثقة الطفل بنفسه مستقبلًا.
لذا نستنتج من حديثنا السابق أن علاج الاحليل السفلي لا يُعد إجراءً تجميليًا، بل هدفه الأساسي تصحيح مكان فتحة مجرى البول لتقوم بوظيفتها على أكمل وجه، ومن ثم تتحسن نفسية الطفل.
تعرف على الاحليل السفلي: الأعراض والأسباب وسبل العلاج
علاج الاحليل السفلي
يُحدد الطبيب حاجة الطفل إلى العلاج من عدمه بناءًا على درجة الانحراف في فتحة الاحليل، ففي الحالات الخفيفة، لا يعاني الطفل انحرافًا في مسار البول ومن ثم لا تحتاج حالته إلى التدخل لإصلاح الفتحة.
أما عن الحالات المتوسطة إلى الشديدة وهم الأكثر شيوعًا، يعاني الطفل صعوبة في توجيه البول، والانتصاب مستقبلًا، وعليه لا بد من الخضوع للعلاج الفوري.
تُعد الجراحة هي الخيار الأساسي والوحيد لعلاج الاحليل السفلي، خاصة جراحة المنظار -الأكثر نجاحًا في الوقت الحالي-، فهي عملية تُجرى تحت تأثير التخدير الكلي، وتُستخدم فيها أدوات دقيقة للغاية لتصحيح موضع فتحة الإحليل، مع الحفاظ على الأنسجة المحيطة.
لكن قبل أن نتطرق تفصيلًا إلى خطوات العملية دعونا نناقش الاستعدادات الضروري قبلها.
إليك تفاصيل ما بعد عملية الاحليل السفلي: ماذا يحتاج طفلك؟
كيفية الاستعداد للعملية
يضمن الاستعداد الجيد نجاح علاج الاحليل السفلي، لذا يجب على الوالدين اتباع التعليمات الطبية التي يوصى بها الطبيب قبل العملية، والتي تشمل:
- التوقف عن إعطاء الطفل أي أدوية حذر الطبيب منها قبل العملية.
- إبقاء الطفل صائمًا حسب تعليمات الطبيب (غالبًا من 6 إلى 8 ساعات قبل الجراحة).
- إجراء التحاليل اللازمة والتي تشمل فحوص الدم واختبارات الحساسية تجاه التخدير.
- تجنّب ختان الطفل قبل الجراحة، إذ يُستخدم الجلد الذي يُستأصل في الطهارة -القلفة- في عملية الترميم.
ملحوظة: يُفضّل أن تُجرى العملية ما بين سن 6 – 18 شهرًا، إذ تكون الأنسجة أكثر ليونة، ومن ثم يسهل إصلاحها، إضافة إلى سرعة الالتئام والتعافي.
عملية الاحليل السفلي بالمنظار
تتضمن خطوات العملية ما يلي:
- تحديد فتحة الإحليل الحالية بدقة.
- فصل الأنسجة المحيطة بفتحة الإحليل لإعادة بناء مجرى البول.
- استخدام أنسجة سليمة من الجلد أو الغشاء المخاطي (غالبًا من القلفة أو الفم) إذا تطلبت حالة الطفل إطالة مجرى البول.
- تثبيت القسطرة البولية لفترة قصيرة في فتحة مجرى البول الجديدة لضمان نجاح الالتئام دون التصاقات.
ولعل النجاح الساحق الذي حققته جراحة المنظار يرجع إلى الحد من فرص التندب وتحسن شكل ووظيفة العضو الذكري، خاصة عندما تُجرى على يد جرّاح متخصص في جراحة الأطفال التجميلية.
ولا شك أن هذا النجاح لا يكتمل سوى بالالتزام بالتعليمات التي يوجهها الطبيب خلال فترة النقاهة.
أهم التوجيهات بعد العملية
نظرًا إلى أن مرحلة ما بعد الجراحة لا تقل أهمية عن الجراحة نفسها، ينبغي على الأهل الالتزام بالتعليمات الآتية:
- متابعة القسطرة وعدم سحبها أو تحريكها.
- مراقبة علامات العدوى مثل الاحمرار أو التورم أو الحمى.
- إعطاء المضادات الحيوية حسب الجرعات المحددة من قبل الطبيب.
- إبقاء الطفل نائمًا لفترة حسب توصية الطبيب مع تجنب الجلوس، تفاديًا للضغط على مكان العملية.
- زيارة الطبيب في الموعد المحدد للمتابعة، وذلك لإزالة القسطرة والتأكد من نجاح العملية.
- استخدام المرهم المضادة للالتهاب -إذا أوصى الطبيب- لتقليل التندب وتسريع الالتئام.
التخاذل في تطبيق هذه التعليمات قد ينتج عنه إصابة الطفل ببعض المضاعفات مثل تسرب البول أو تضيّق الفتحة الجديدة، كما قد تقل نسبة نجاح العملية حينئذ.
نسبة نجاح عملية الإحليل السفلي
تتجاوز نسب نجاح عملية الاحليل السفلي 90٪، لا سيما عند استخدام تقنيات حديثة مثل المنظار وإجرائها على يد جرّاح ذي خبرة، ومع ذلك قد تختلف النتيجة بحسب شدة الحالة وعمر الطفل ودرجة الالتزام بالتعليمات بعد العملية.
وانطلاقًا من حديثنا عن علاج الاحليل السفلي عند الأطفال دعونا نتطرق إلى إجابات بعض الأسئلة الشائعة التي يطرحها الأهل.
هل يعود الاحليل السفلي مجددًا؟
الإحليل السفلي لا يعود مجددًا بعد التصحيح الناجح، لكن إن لم تُتّبع توجيهات ما بعد العملية بدقة، قد تظهر بعض المضاعفات مثل الناسور البولي أو تضيق بسيط في المجرى الجديد.
لذا تضمن المتابعة الدورية خلال السنوات الأولى بعد العملية الاكتشاف المبكر لأي مشكلة وعلاجها.
هل تُؤثّر الجراحة في خصوبة الطفل مستقبلًا؟
لا، الجراحة لا تؤثر في الخصوبة إذا أُجريت بصورة صحيحة، فهي تهدف إلى تصحيح فتحة مجرى البول فقط دون المساس بالأنسجة المسؤولة عن الوظيفة الإنجابية.
الخلاصة..
علاج الاحليل السفلي ليس فقط إصلاحًا تجميليًا لمجرى البول، بل خطوة ضرورية لنمو الطفل بثقة واستقلالية. ولا ننسى أن اختيار التوقيت المناسب، ونوع الجراحة، والالتزام بالتوجيهات بعدها، يشكل فرقًا كبيرًا في النتيجة النهائية.
تعرف على المزيد من الواضيع حول: